معنى الجاهلية

توضيح لمعنى الجاهلية

معنى الجاهلية :
أ - في كتب اللغة والأدب :
إذا رجعنا إلى معاجم اللغة نجد أن مادة : جهل تعني الجهل الذي هو خلاف
العلم ... وقد جهل فلان جهلاً وجهلة .
وتجاهل : أي أرى من نفسه ذلك وليس به .
واستجهله : عده جاهلاً واستخفه أيضاً .
والمجهلة : الأمر الذي يحملك على الجهل .
والمجهل : المفازة لا أعلام فيها [12] .
وفي المعجم الوسيط : جهلت القدر جهلاً : اشتد غليانها ، وجهل على غيره
جهالة وجهلاً : قسا وتسافه ، وجاهله : سافهه .
وفي القرآن : ] قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ [ .
والجاهلية ما كان عليه العرب قبل الإسلام من الجهالة والضلالة .. والمجهلة :
ما يحمل الإنسان على الجهل وجاء في الحديث الشريف : « الولد مبخلة مجبنة
مجهلة » .
وهكذا (نتبين أن الجاهلية ليست مشتقة من الجهل الذي هو ضد العلم ونقيضه ، إنما هي مشتقة من الجهل بمعنى السفه والغضب والنزق فهي تقابل كلمة الإسلام
التي تدل على الخضوع والطاعة لله عز وجل وما يطوى فيها من سلوك خلقي
كريم) [13] .
وقد تنصرف إلى معنى الجهل الذي هو مقابل الحلم وليس ضد العلم إلا أن
العصر الجاهلي عرف كثيراً من الناس عرفوا بالحلم والتسامح مثل قيس بن عاصم ، والأحنف بن قيس ، وغيرهما حتى ضربت بحلمهما الأمثال [14] ....
وجاء في معلقة عمرو بن كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أي لا يتسافه أحد علينا ... وقد يتضمن البيت معنى الظلم والطيش .
ب - وقد جاءت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة بهذا المعنى ، معنى
الحمية والطيش والغضب ، ففي سورة البقرة : ] قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ
أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ [ ، وفي سورة الأعراف : ] خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بِالْعُرْفِ
وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ [ .
وفي الحديث الشريف : أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال لأبي ذر ،
وقد عير رجلاً بأمه : « إنك امرؤ فيك جاهلية » . أي فيك روح الجاهلية وطيشها
تغضب فلا تحلم .
والذي يظهر لنا أن الجاهلية كانت تعني الجهل لمعنى تجاوز الحق وعدم
معرفته ، وتعني أيضاً الحمية حمية الجاهلية بما فيها من ثأر وطيش وحمق وسفه
وكبر .
وأصبحت تطلق على العصر السابق للإسلام مباشرة ، وكل ما فيه من وثنية
وأخلاق قوامها الحمية واقتراف ما حرم الدين الحنيف من موبقات [15] .
أما تعبير الجاهلية في كتاب الله فقد جاء في تفسير هذه العبارة في الآية : ] أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [ [16] .
(ينكر الله على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي
عن كل شر ، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها
الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان من أهل الجاهلية يحكمون به من
الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم) .
وجاء في تفسير هذه الآية في ظلال القرآن لسيد قطب - رحمه الله - :
(فالجاهلية كما يصفها الله ويحدد قرآنه هي حكم البشر للبشر لأنها هي
عبودية البشر للبشر والخروج من عبودية الله ورفض ألوهية الله والاعتراف في
مقابل هذا الرفض بألوهية بعض البشر وبالعبودية لهم من دون الله) .
ثم يقول - رحمه الله - أيضاً :
(إن الجاهلية ليست فترة من الزمان ولكنها وضع من الأوضاع هذا الوضع
يوجد بالأمس ، ويجد اليوم ، ويوجد غداً ، فيأخذ صفة الجاهلية المقابلة للإسلام ،
والمناقضة للإسلام ... فالعبودية لغير الله جرت أهـل الجاهلية إلى كل الضلالات
السابقة وتحكيم الأهواء والعادات والتقاليد) [17] .
وهي بناء على ذلك تعني مفهوم الضلالات ، والسفه ، والطيش ، وتحكيم
العادات والتقاليد ، بعيداً عن منهج الله في السياسة والاقتصاد والعقائد والحياة
الاجتماعية ، وتتلون بشعارات براقة كثيرة ، قد تخدع وتسيطر على العقول عندما
تضعف آصرة العقيدة ، والتوحيد وتحكيم شرع الله .
وسنتابع هذا المفهوم ، مفهوم الجاهلية في الشعر الجاهلي الذي يصور لنا حياة
العرب قبل الإسلام في حروبهم وثاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم وعقائدهم وخرافاتهم ،

هناك تعليقان (2):